الخرُّوفة.. كما رواها القط الرمادي.ق قلميـــ

الحكاية.. كما رواها القط الرمادي .

سمعت هذه الحكاية من القط الرمادي ذي الشارب الطويل شخصيا, ولا أعرف إن كانت صحيحة أم لا, ولكن العهدة على الراوي كما يقولون.
والقط الرمادي لمن لا يعرفه ليس قطاً متشرداً كما يبدو من مظهره, إنه فقط كثير التجوال في المدينة, وله العديد من المعارف, لذالك فهو واسع الإطلاع, وقد كان مزاجه صافياً, خاصةً بعد ان دعوته على أكلة دسمة من السمك, قال وهو يتحسس بطنه.
-في الزمن القديم لم يكن هناك أي نوع من العداء بين أجدادنا القطط وبين الكلاب أو الفئران, كنا جميعا أصدقاء .. نتقابل ويزور بعضنا البعض, بل ندخل في منافسات رياضية أيضاً.. هل يمكن أن نصدق هذا؟ وذات يوم, عندما كان جدي القط الأكبر جالسا يلحس فروته في الشمس, جاء الجد الأكبر للكلاب ووقف أمامه, كان كعادته يلهث, ولسانه خارج من فمه, رفع جدي رأسه وهو يقول.. .
-ماذا تريد أيها الصديق؟
أنت تعرف طبعاً أن الكلب ينبح كثيرا, ويثرثر أكثر, لذالك بدأ يقول.. .
-أيها القط الكبير.. أنا أعرف أنك أمين وجدير بالثقة.. إضافة إلى أنك حريص على تنظيف نفسك دائماً.
كان جدي عملياً,فهتف به.. .هات من الآخر.. قل ماذا تريد مباشرة ً.
وهنا أخرج الجد الأكبر للكلاب كتاباً ضخماَ يبدو عتيقاً,غلافه من الجلد الفاخر ولكنه متآكل الأطراف, قال له.. .
-هذا كتاب تاريخ الكلاب منذ أقدم العصور حتى الآن.. إنه أهم كتاب عندنا.. نتوارثه جيلاً بعد جيل.
قال جدي ببساطة.. .لم أسمع به من قبل,لا أنا, ولا أنتم, ولا أي واحد من الذين نعرفهم.
قال الكلب الجد.. .
-أريدك أن تحفظه لي عندك.. أنا كثير الإنتقال هذه الأيام وأخشى أن أفقده.. سوف تكون مصيبة لجنسنا لو حدث ذالك.
كان جدي كما هو الحال معي ,كريما وخدوما,لذلك قبل المهمة وأخذ الكتاب من الكلب الجد,
وحفظه في المكان الذي كان يعيش فيه, ولكن المشكلة أن هذا المكان كان ضيِّقاَ,وكان هذا الكتاب
الضخم يعوق حركته تماماً, لذلك فكَّر في صديقه الفأر.
لم يكن الجحر الذي يقيم فيه الفأر واسعًا بالطبع, ولكنه على الأقل كان يسع الكتاب,
ولم يكن ليسبب مشكلة للفأر الذي كان ومزال صغير الحجم,ولكنه لم ينسَ أن يؤكد عليه قائلاً .. .
-هذا الكتاب أمانة عليك أن تصونها, ولا تُعرِّضها للتلف.. فاهم؟
أعتقد أن هذا الأمر بالقطع كان أكثر من طاقة الفأر. وهكذا قَـَـبـــِـــل الفأر, وظل الكتاب في حوزته حتى جاء الشتاء.
أنت تعرف أن هناك علاقة طيبة بيننا وبين الإنسان, وكذلك هناك علاقة قوية جداً بين الكلاب
والإنسان, ولكن لا يوجد أي نوع من العلاقة بين الإنسان والفئران.. مَن
هذا المجنون الذي يقيم علاقة مع فأر؟
لذلك في الشتاء فإن الكلب يمكن أن يأخذ عظمة ويدخل بيته,
كذلك القط يمكن أن يجد وجبة ساخنة, إلا الفأر المسكين, لقد بقي في جُحره
وحيدًا
وجائعاً وبردان.
في تلك اللحظة من اليأس.. بدأ الفأرينظر للكتاب الضخم ويتساءل ترى ماهو طعمه,
وهل يحدث أي ضرر
إذا أخد منه قضمة صغيرة. هل يمكن أن تؤثر هذه القضمة على تاريخ الكلاب الطويل.. ما أهمية هذا التاريخ على أي حال؟
وهكذا اخذ الفأر القضمة الأولى, لم تكن لذيذة إلى حد عظيم, ولكنها كانت تشبه طعم الجبن القديم, وأحس الفأر بضميره يؤنبه لأنه خان الأمانة,
ولكن مع إستمرار البرد وشدة الجوع بدأ الفأر يأخد قضمات أكثر.. واحدة وراء الأخرى حتى توغل في تاريخ الكلاب الطويل ولم يُبقٍ منه شيئاً,
ولم يعد ضميره يؤنبه.. حتى جلد الكتاب الفاخر أكله في الليلة الأخيرة من الشتاء.
وجاء الكلب الجد إلى جدي القط يشكره ويطالبه بردٍّ الكتاب, وأخبره جدي بسلامة نية أنه في الحفظ والصون عند الفأر وأنه سيذهب في الحال ليحضره, ولكن المفاجأة كانت في اتظاره حين وصل إلى جحر الفأر ووجده جالساً سعيداً وقد ازداد وزنه, هتف فيه مذهولاً.. .
-هل أكلت وحدك كل هذا الكتاب الضخم؟
قال الفأر وهو يتحسس بطنه.. .
لم يكن طعمه لذيذاً على أي الحال.
واغتاظ جدي من الفأر فانقضّ عليه, ولكن الفأر أسرع بالفرار, واخد جدي يطارده,وعلم الكلب بما حدث فأخد يطارد جدي.. ومزالت المطاردة مستمرة.

.. .
..
.
..
..
.تمت. ..
قلمي.. .
كاتبــُ الليـلـ